روسيا والغرب- صراع جيوسياسي أم ضرورة التفاهم المتبادل؟
المؤلف: سلطان السعد القحطاني09.10.2025

يبدو جلياً أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقد العزم على إنهاء ما يعتبره تعدياً غربياً غير مقبول على التفاهمات الجيوسياسية التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي. إذ يرى أن التوسع المتواصل لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يشكل، من منظوره، تهديداً صريحاً للأمن القومي الروسي، وسبباً محورياً لعدم الاستقرار في منطقة شرق أوروبا.
عند إلقاء نظرة فاحصة على الخريطة الجيوسياسية، تظهر روسيا وكأنها محاصرة تدريجياً، ويشتد الخناق عليها من ناحية الغرب. هذه النظرة الجغرافية ليست محض خيال، بل هي دافع أساسي وحيوي قاد الكرملين إلى إطلاق العمليات العسكرية في أوكرانيا عام 2022. فبالنسبة للرئيس بوتين، تمثل حماية "العمق الروسي" قضية جوهرية لا مجرد اختيار سياسي، وهو يؤمن بأن استعادة روسيا لمكانتها كقوة عالمية عظمى تضاهي الولايات المتحدة يستحق بذل تضحيات جسيمة من أجله.
إلا أن التاريخ حافل بالعبر والدروس القيمة. ففي أوج التوتر بين واشنطن وموسكو، كانت أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 نقطة تحول حاسمة، أثبتت أن التصعيد بين القوى الكبرى لا يفضي إلا إلى عواقب وخيمة وكارثية. في تلك الفترة، أدرك الطرفان أن السلام العالمي لا يصان بالاستفزاز، بل بالتفاهم المتبادل والتوازن الدقيق. واليوم، تبدو تلك الحقيقة أكثر وضوحاً وإلحاحاً من أي وقت مضى.
لعل هذا هو الدافع وراء اعتبار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رغم آرائه ومواقفه الصارمة، شخصاً يدرك خطورة دفع روسيا إلى حافة الهاوية. فهو، على عكس بعض السياسيين الأوروبيين، لا يؤمن بفاعلية محاصرة موسكو، ولا يرى في التصعيد المستمر سوى طريق يؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار، خاصة في منطقة شرق أوروبا. الرسالة التي لم تستوعبها بعد العديد من العواصم الأوروبية هي أن روسيا ليست خصماً يمكن تطويقه بسهولة دون تكبد خسائر فادحة وعواقب وخيمة.
في الجانب المقابل، لا يخفي بوتين طموحه في استعادة أمجاد روسيا التاريخية وتعزيز مكانتها الدولية، ويرى أن توسع حلف الناتو ليشمل دولاً تتاخم حدود بلاده يشكل تحدياً مباشراً، ورد فعله على ذلك يتضح في تحركاته العسكرية والدبلوماسية الملموسة.
في أوكرانيا، يكابد القادة السياسيون حالة من التردد الدائم بين الطموحات الغربية ومتطلبات الجغرافيا والتاريخ. هذا التذبذب والارتباك قد يقود إلى انزلاقات خطيرة، ما لم يتم احتواؤه من خلال تسوية شاملة تراعي المصالح الأمنية لجميع الأطراف المعنية.
في الختام، يبدو أن العودة إلى مائدة المفاوضات ليست مجرد رغبة لدى الرئيس بوتين أو خياراً تفضيلياً للرئيس ترامب، بل هي ضرورة حتمية وملحة للعالم أجمع. ذلك أن استقرار النظام الدولي أصبح على المحك، وأوروبا، قبل غيرها، ستكون الطرف الأكبر الذي يتحمل تبعات تجاهل دروس الماضي القريب والبعيد.
عند إلقاء نظرة فاحصة على الخريطة الجيوسياسية، تظهر روسيا وكأنها محاصرة تدريجياً، ويشتد الخناق عليها من ناحية الغرب. هذه النظرة الجغرافية ليست محض خيال، بل هي دافع أساسي وحيوي قاد الكرملين إلى إطلاق العمليات العسكرية في أوكرانيا عام 2022. فبالنسبة للرئيس بوتين، تمثل حماية "العمق الروسي" قضية جوهرية لا مجرد اختيار سياسي، وهو يؤمن بأن استعادة روسيا لمكانتها كقوة عالمية عظمى تضاهي الولايات المتحدة يستحق بذل تضحيات جسيمة من أجله.
إلا أن التاريخ حافل بالعبر والدروس القيمة. ففي أوج التوتر بين واشنطن وموسكو، كانت أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 نقطة تحول حاسمة، أثبتت أن التصعيد بين القوى الكبرى لا يفضي إلا إلى عواقب وخيمة وكارثية. في تلك الفترة، أدرك الطرفان أن السلام العالمي لا يصان بالاستفزاز، بل بالتفاهم المتبادل والتوازن الدقيق. واليوم، تبدو تلك الحقيقة أكثر وضوحاً وإلحاحاً من أي وقت مضى.
لعل هذا هو الدافع وراء اعتبار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رغم آرائه ومواقفه الصارمة، شخصاً يدرك خطورة دفع روسيا إلى حافة الهاوية. فهو، على عكس بعض السياسيين الأوروبيين، لا يؤمن بفاعلية محاصرة موسكو، ولا يرى في التصعيد المستمر سوى طريق يؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار، خاصة في منطقة شرق أوروبا. الرسالة التي لم تستوعبها بعد العديد من العواصم الأوروبية هي أن روسيا ليست خصماً يمكن تطويقه بسهولة دون تكبد خسائر فادحة وعواقب وخيمة.
في الجانب المقابل، لا يخفي بوتين طموحه في استعادة أمجاد روسيا التاريخية وتعزيز مكانتها الدولية، ويرى أن توسع حلف الناتو ليشمل دولاً تتاخم حدود بلاده يشكل تحدياً مباشراً، ورد فعله على ذلك يتضح في تحركاته العسكرية والدبلوماسية الملموسة.
في أوكرانيا، يكابد القادة السياسيون حالة من التردد الدائم بين الطموحات الغربية ومتطلبات الجغرافيا والتاريخ. هذا التذبذب والارتباك قد يقود إلى انزلاقات خطيرة، ما لم يتم احتواؤه من خلال تسوية شاملة تراعي المصالح الأمنية لجميع الأطراف المعنية.
في الختام، يبدو أن العودة إلى مائدة المفاوضات ليست مجرد رغبة لدى الرئيس بوتين أو خياراً تفضيلياً للرئيس ترامب، بل هي ضرورة حتمية وملحة للعالم أجمع. ذلك أن استقرار النظام الدولي أصبح على المحك، وأوروبا، قبل غيرها، ستكون الطرف الأكبر الذي يتحمل تبعات تجاهل دروس الماضي القريب والبعيد.